بسم الله الرحمن الرحيم
نجم أربك العرش
كتبها : أسامه السيلاوي
منذ عقود ، اجتمعت رؤوس الشياطين في حي من أحياء اسطنبول ، لترسم خطة " شيطانية
" لإلغاء ذلك العلم الكبير ، والذي ضم في طياته حلماً تداور على رؤيته قادة وعظماء .. وما أن انتهت معالم تلك الصورة الشيطانية حتى بدأووا بالبحث عن شيطان آخر يتولى إبداع هذه اللوحة الفنية القبيحة ، فليس كل من مسكت يده الريشة فناناً ، وليس كل من عادى الدين شيطاناً ، وليس كل الذي يحارب قائداً أو رُباناً ، إنما هي مخططات خُطط لها أن تدوم
ورسمت الخطة بعناية ، واختير الرجل بعناية أكبر ، وكي لا تنتهي مملكة الشيطان قريباً ، كان عليهم رسم صورة أخرى ، شيطانية أيضاً ، لكنها هذه المرة مزينة براقة كي ينتهي الأمر بهدوء وسكينة ، ولكي تتم العملية بهدوء تام ، ودونما أي إزعاج ، وبأقل خسائر وفضائح ، فكانت الزينة حاضرة ، وطالما أن الزينة موجوجة فاعلم أن الشيطان حاضر
وبالفعل وجدوا ذلك البطل المنشود ، والحلم به معقود ، وزينوه ومجدوه ، وكبروه وجعلوه قائداً عاماً للجيش التركي وتحت اسم الجنرال ، ولكي تتم اللعبة الشيطانية بنجاح افتعلوا معارك محسومة انتصر فيها ذلك البطل المجاهد المقدام .. القائد " مصطفى كمال أتاتورك " ، فوقف شوقي من على أعلى هرم في مصر ليخاطبه قائلاً
الله أكبر كم في الفتح من عجب ****** يا خالدَ الترك جدد خالد العرب
ومسكين هو شوقي ، ولم يدر بعد بالحبائل الشيطانية التي ألقت علينا أتاتورك هذا .. فخالد الترك هذا هو الذي سيسقط بعد ذلك ما بدأ به خالد العرب
وبخطة محكمة ودقيقة ، لم تخلُ من بصمات اليهودية ، تم إقصاء ذلك العملاق عن عرشه ، عرش الخلافة الإسلامية أعني ، التي أرعبت جيوش الكفر قاطبة من الشرق إلى الغرب ، دهراً ليس باليسير
وبدأ يهندس عرشه الظلامي من جديد ، أتاتورك أعني ، وبدأ يدق فيه مسامير العلمانية ، التي مهما تكسرت ، فسيبقى هناك ما يثبتها ومن جميع النواحي والاتجاهات ، خاصة إذا علمت أن أتاتورك أحضر " مسامير " من تصنيع يهودي وأمريكي وأوروبي ، فكلهم مهتمون بهذا المشروع .. أعني المشروع العَلماني
وكلما مر الزمن تزداد قوة ثبات هذا العرش في أرضه ، وجيش كبير عرمرم يحرس هذا العرش الخاوي من معنى الحكم ، وأصبحت حاضرة العالم الإسلامي تركيا بوابةً للغرب ، يدخل منه كل خبيث وفاجر ، حتى طُمست معالم الإسلام منها ، كما أرادت عصابة الشيطان
ومن مدينة ساحلية ظهر مهندس جديد ، ليبدأ بخلع تلك المسامير العاتية ، وصناعة عرش جديد ، عرش كتب عليه ، صنع لمت سيأتي بعد عبد الحميد ، نعم عبد الحميد الثاني
نجم الدين أربكان ، نجم أربك عرش العلمانية التركية الحديثة ، متجاهلا كل قوانين الشيطان ومؤامراته ومخططاته ، نجم ما أفل يوماً في عمله لهذا الدين ، فبحق ينال اللقب " نجم الدين " ، ولأن " لكل من اسمه نصيب " فكان هو النصيب الكامل من اسمه (( نجم الدين )) ، هز عرشاً ما كان لليهودية يوماً أن تتخيل أنه سيهتز ، ليأتي أبناؤه من بعده ويبدأون بمراسم خلع هذا العرش ، ولأن الأوساخ تترك أثراً لا بد من مسحها بهدوء وجد وتواصل ... وبشرى من الله بأنها ستزول { وقل جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقاً } ، وها هي الأيام تحمل في رحمها نبأ وفاة المهندس العظيم ، توفي جسداً ، لكن روحه بقيت وستبقى خالدة تخيم على تركيا من شرقها لغربها ، سيقى الأتراك والإسلام مدينون له إلى يوم القيامة ، فسلام على روحه في الخالدين
وها هم تلامذته ينحنون أمام جثمانه تعظيماً له ولذكره ، فمهما اختلفوا معه ، فستبقى روحه هي ملهمتهم ، كما عبر أردوغان ، ذلك العظيم في زمن الأقزام
كم مرة يجب أن تنعى يا أربكان ، ليس لوفاتك ، بل لكثرة ما حييت ، فحياتك ليست حياة واحدة ، .. نعم ليست واحدة ، وإذا أردت أن تعرف كم حياة عاش أربكان ، فانظر كم مرة سينعاه التاريخ